ما دعاني الى كتابة هذه السطور ،هو قرائتي لمقابلة مع أحد رموز الأخوان في الاردن ،والذي أكد جازماً أن حركة الأخوان قد راجعت مواقفها ،وتعتبر أن الديمقراطية والتعددية هي من أولويات برنامجها السياسي . لهذا دخلت اللعبة الانتخابية وهي تمارس تطبيق سياسة التلاقي مع القوى الأخرى وحتى العلمانية على برنامج الحد الادنى.
كلام جميل جداً ،وتصريح موفق إن شاء الله .
لكن من هم الأخوان ،وعندما أذكر الأخوان ...فأنني أعني من كلامي أن لفظ أخوان المسلمين &szlzlig;مصطلح ديني أو سياسي ،يعني حركة اسلامية أصولها سلفية وهابية ،منها تخرجت قيادات الحركات الاسلامية السلفية المتشددة ،بمباركتها سرا أو علناً . ومنها تخرج علماء الامة السلفين ،لذك فإن حركة الأخوان هي الأم حتى لتنظيم القاعدة ،وإن اختلفت مع القاعدة في الاسلوب ،ولكنها مازالت تمارس فعل التأيد بشكل نفاقي ."أي من تحت لتحت".
ومع ذلك لايمكننا أن ننكر أن حركة الأخوان هي حركة جماهيرية ،أي لها جماهيرها العريضة ،ولها برنامجها الديني ،والسياسي .ولها تحالفاتها ،ولها وجود محلي وعربي وعالمي. وقد مرت هذه الحركة بتجارب مريرة جداً" كانت هي السبب في ذلك" ،لكنها في النهاية استطاعت أن تبلور موقفاً سياسياً ،يدعو في العلن الى الديمقراطية ،كأسلوب للانتخاب والحكم . وتدعو الى التعددية في الحكم .والأهم من ذلك لامانع لديها من مبدأ تناوب السلطة حتى مع العلمانين . الأخوان لهم قواعد قوية في مصر والاردن ،وسوريا كمعارضة خارجية .ولهم علماء دين ينظرون لهم بشكل حيادي ،منهم الشيخ القرضاوي" رغم أنه لا يصرح بذلك" . بالمقابل لهم معارضة قوية من الاحزاب القومية والاشتراكية ،والعلمانية ،وبعض التنظيمات الاسلامية ،والشخصيات الاسلامية ،وخاصة القرآنية .
أعود الى تصريح القيادي في حركة الأخوان الاردنية. وأقول له.
يا أخي ماذكرته يثلج صدورنا جميعاً . وسأكون أول من ينتخب الأخوان في أية انتخابات سياسية ،وسأكون أول المؤيدين لبرنامجكم السياسي . لكن لدي بعض الشروط لتأيدكم. وأعتقد أن كل المتنورين العرب ،يؤيدون هذه الشروط .
ياسيدي بصراحة, حركتكم حركة اسلامية سلفية ،لها مرجعيتها الدينية ،وهذه المرجعية هي دستور الحركة .وتتمثل المرجعية بنصوص من السنة التي لا تقبل إلا الحاكمية الآلهية على الارض ،وأنتم من يمثل هذه الحاكمية ،و بالطبع كل الحركات الاسلامية .وكونكم من ضمن هذه المجموعات ،هذا يعني أن ما تعلنون عنه من خلال التصريحات او البيانات من تأيدكم للأساليب الديمقراطية في الحكم وقبلوكم التعددية ،لايقنع أحدا ،إلا إذا قمتم بمراجعة واضحة لمرجعياتكم الدينية .وقمتم بنقد كل البنود التي تعطيكم الحق الآلهي في الحكم ،ونقد شعار الاسلام هو الحل .ونقد كل الاحاديث "أحاديث السيف" ومبدأ الجزية على غير المسلمين .ونقد التراث الاسلامي الذي كان في معظمه تراثاً تبررياً لتسلط السلطة الامويين واغتصابهم للحكم .ونقد تاريخكم الدموي ،ونقد كل الحركات الاسلامية السلفية والقاعدة في ممارساتها الغير إسلامية . عندها استطيع أن اقول أن حركة الأخوان يحق لها أن تكون حركة سياسية منفتحة على الداخل والخارج ،لها برنامج يؤمن بالتعددية ،ومرجعيتها الاساسية كتاب الله في دعوته الى العالمية ،وفي دعوته الى احترام الأخر حتى ولو كان على غير عقيدتكم .وأن مبدأ التكفير الذي يترتب عليه الحكم الارضي في القتل أو التهجير مرفوض رفضا قاطعاَ .هذه المراجعات إن تمت يمكن أن تحدث عندي وعند غيري مصداقية ، ويمكن للحركة كسب الكثير من القوى والشخصيات وتستطيع فعلاً استقطاب الجماهير الغير مسلمة . مع كل اسف نقرأ تصريحات جميلة،ولا نرى نقداً لمرجعياتكم الدينية والسياسية التي كانت سببا في كل ما ابتلي به عالمنا الاسلامي.