mytiger
منتديات MYTIGER
كل عام وسيادتكم بخير و اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وبالك وان يفرج همك وغمك ويذهب عنك كل حزن ومرض وفاقة وهم وغم وضيق وكرب ويكرمك في الدنيا والآخرة ويرفع قدرك في الدنيا والآخرة وان يسبل عليك ستره وان يسبغ عليك نعمه كلها ظاهرة و باطنه ما علمنا منها وما لم نعلم وان يدخلك الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب يا رب العالمين
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم
منتدياتMYTIGER ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله
ونرجوا أن تفيد وتستفيد منا
وشكراً لتعطيرك المنتدى بباقتك الرائعة من مشاركات مستقبلية
لك منا أجمل المنى وأزكى التحيات والمحبة
mytiger
منتديات MYTIGER
كل عام وسيادتكم بخير و اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وبالك وان يفرج همك وغمك ويذهب عنك كل حزن ومرض وفاقة وهم وغم وضيق وكرب ويكرمك في الدنيا والآخرة ويرفع قدرك في الدنيا والآخرة وان يسبل عليك ستره وان يسبغ عليك نعمه كلها ظاهرة و باطنه ما علمنا منها وما لم نعلم وان يدخلك الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب يا رب العالمين
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم
منتدياتMYTIGER ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله
ونرجوا أن تفيد وتستفيد منا
وشكراً لتعطيرك المنتدى بباقتك الرائعة من مشاركات مستقبلية
لك منا أجمل المنى وأزكى التحيات والمحبة
mytiger
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

mytiger

برامج.العاب.افلام.اغانى.شرح برامج
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى تحت التطوير حاليا
مرحبا بكم فى MYTIGER

شاطر|
بيانات كاتب الموضوع
الإستغاثة بسيد الخلق
كاتب الموضوعرسالة
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مدير عام المنتديات
الرتبه:
مدير عام المنتديات
الصورة الرمزية

اشرف فتح الباب

البيانات
نقاط : 2081
تاريخ التسجيل : 02/10/2012
المزاج : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

موضوع: الإستغاثة بسيد الخلق الإستغاثة بسيد الخلق  Icon_minitime1الأحد نوفمبر 18, 2012 10:55 pm






ص 171
فهذا الاعتقاد هو التوحيد المحض، بخلاف من اعتقد غير هذا فإنه يقع في الإشراك، وأما الفرق بين الحي والميت مع اعتقاد أن الحي يخلق أفعال نفسه فهو اعتقاد المعتزلة، فلو كان هؤلاء الذين يريدون المحافظة على التوحيد بزعمهم، وأن مرادهم منع الألفاظ الموهمة وسد الذريعة يقتصرون على منع العامة عن الألفاظ الموهمة تأثير غير الله تعالى تأدبا، ومع هذا فإذا صدرت منهم تحمل على المجاز العقلي، ويجيزون لهم التوسل مع المحافظة على الأدب لكان لكلامهم وجه. وأما المنع منه بالكلية فهو مصادم للأحاديث الصحيحة ولفعل السلف والخلف. فعليك باتباع الجمهور والسواد الأعظم. قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالسواد الأعظم فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية وقال صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه . وقد ذكر العلامة ابن الجوزي في كتابه المسمى: [تلبيس إبليس] أحاديث كثيرة في التحذير من مفارقة السواد الأعظم: منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب في الجابية فقال من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد وفي حديث عرفجة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يد الله على الجماعة والشيطان مع من يخالف الجماعة وحديث أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يد الله على الجماعة، فإذا شذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين كما يختطف الذئب الشاة من الغنم ، وحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة الشاذة القاصية والنائية فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة العامة والمجسد، وحديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اثنان خير من واحد، وثلاثة خير من اثنين، وأربعة خير من الثلاثة فعليكم بالجماعة فإن الله تعالى لن يجمع أمتي إلا على هدى، فهؤلاء المنكرون للتوسل والزيارة فارقوا الجماعة والسواد الأعظم وعمدوا إلى آيات كثيرة من آيات القرآن التي نزلت في المشركين، فحملوها على المؤمنين الذين تقع منهم الزيارة والتوسل، وتوصلوا بذلك إلى تكفير أكثر الأمة من العلماء والصلحاء والعباد والزهاد وعوام الخلق، وقالوا: إنهم مثل أولئك المشركين الذين قالوا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) وقد علمت أن المشركين اعتقدوا ألوهية غير الله تعالى واستحقاقه العبادة. وأما المؤمنون فما
ص 172
يعتقد أحد منهم هذا الاعتقاد فكيف يجعلونهم مثل أولئك المشركين، سبحانك هذا بهتان عظيم. وشبهة هؤلاء الخوارج في المنع من طلب الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم أنهم يقولون إن الله تعالى قال في كتابه العزيز (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) وقال تعالى (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) فالطالب للشفاعة من أين يعلم حصول الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم في أنه يشفع له حتى يطلب الشفاعة منه، ومن أين يعلم أنه ممن ارتضى حتى يطلب الشفاعة منهم. واحتجاجهم هذا مردود بالأحاديث الصحيحة الصريحة في حصول الإذن له صلى الله عليه وسلم في أنه يشفع لمن قال بعد الأذان والإقامة: اللهم رب هذه الدعوة التامة إلى آخر الدعاء المشهور ولمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، ولمن زار قبره صلى الله عليه وسلم بل جاءت أحاديث كثيرة صريحة في شفاعته صلى الله عليه وسلم لعصاة أمته كقوله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فكل من مات مؤمنا فإنه يدخل في شفاعته صلى الله عليه وسلم، فهي ثابتة لجميع المؤمنين ومأذون له صلى الله عليه وسلم فيها، فالطالب للشفاعة كأنه يتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى أن يحفظ عليه الإيمان حتى يتوفاه الله عليه، فيشفع. فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا حاجة إلى التطويل ببسط الدلائل في ذلك مع وضوح الأمر إلا لمن عميت بصيرته. وأما شبهتهم في المنع من النداء، فقالوا: إن النداء والخطاب للجمادات والغائبين والأموات من الشرك الأكبر الذي يباح به الدم والمال، ولا مستند لهم في ذلك بل الأحاديث الصحيحة الصريحة في بطلان قولهم هذا، وزعموا أن النداء للأموات والغائبين والجمادات يسمى دعاء وأن الدعاء عبادة، بل الدعاء مخ العبادة وحملوا كثيرا من الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين، وقد تقدم ذكر كثير من تلك الآيات، وهذا كله منهم تلبيس في الدين وتضليل لأكثر الموحدين، فإنه وإن كان النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) لكن ليس كل نداء عبادة، ولو كان كل نداء عبادة لشمل ذلك نداء الأحياء والأموات، فيكون كل نداء ممنوعا مطلقا، وليس الأمر كذلك، وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقدون ألوهيته واستحقاقه العبادة فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه، فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله تعالى واعتقاد التأثير لغير الله تعالى. وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته ولا تأثيره فإنه ليس عبادة، ولو كان لميت أو غائب أو جماد، وذلك كله وارد في كثير
ص 173
من الأحاديث الصحيحة والآثار الصريحة، فقولهم إن نداء الميت والجماد والغائب دعاء وكل دعاء عبادة غير صحيح على إطلاقه وعمومه ولو كان كل نداء عبادة لامتنع نداء الحي والميت فإنهما مستويان في أن كلا منهما لا تأثير له في شيء ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى ولا تأثير لأحد سواه، فالدعاء الذي هو مخ العبادة هو الرغبة للإله والخضوع بين يديه، وسأذكر لك كثيرا من الأحاديث والآثار التي جاء فيها النداء والخطاب للأموات والغائبين والجمادات وإن تقدم كثير من ذلك فلا بأس بإعادته، فمنها حديث الضرير الذي رواه عثمان بن حنيف رضي الله عنه، فإن فيه يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وتقدم أن الصحابة رضي الله عنهم استعملوا ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. وحديث بلال بن الحارث رضي الله عنه فإن فيه أنه جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله استسق لأمتك ففيه النداء له بعد وفاته والخطاب بالطلب منه أن يستسقي لأمته. والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور في كثير منها النداء والخطاب للأموات كقوله السلام عليكم يا أهل القبور، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ففيها نداء وخطاب، وهي أحاديث كثيرة لا حاجة إلى الإطالة بذكرها، وتقدم أن السلف والخلف من أهل المذاهب الأربعة استحبوا للزائر أن يقول تجاه القبر الشريف: يا رسول الله إني جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي، وصح عن بلال بن الحارث رضي الله عنه أنه ذبح شاة عام القحط المسمى عام الرمادة فوجدها هزيلة فصار يقول: وامحمداه وامحمداه، وصح أيضا أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما قاتلوه مسيلمة الكذاب كان شعارهم: وامحمداه وامحمداه، وفي الشفاء للقاضي عياض أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما خدرت رجله مرة، فقيل له: اذكر أحب الناس إليك، قال وامحمداه فانطلقت رجله. وجاء الخطاب وصورة النداء في التشهد الذي يأتي به المسلم في كل صلاة وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فإن فيه: السلام عليك أيها النبي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل أرضا قال: يا أرض ربي وربك الله ففيه الخطاب والنداء للجماد، وذكر الفقهاء في آداب السفر: أن المسافر إذا انفلتت دابته بأرض ليس بها أنيس، فليقل: يا عباد الله احبسوا، وإذا أضل شيئا أو أراد عونا فليقل: يا عباد الله أعينوني أو أغيثوني فإن له عبادا لا تراهم.
ص 174
واستدل الفقهاء على ذلك بما رواه ابن السني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فلينادي يا عباد الله احبسوا فإن الله عبادا يجيبونه ففيه نداء وطلب نفع: أي التسبب في ذلك من عباد الله الذين لم يشاهدهم ; وفي حديث آخر رواه الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا، وهو بأرض ليس فيها أنيس فليقل: يا عباد الله أعينوني، وفي رواية أغيثوني فإن الله عبادا لا ترونهم قال العلامة ابن حجر في حاشية [إيضاح المناسك] وهو مجرب كما قاله الراوي، وروى أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك، أعوذ بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ووالد وما ولد . وذكر الفقهاء في آداب السفر أنه يسن للمسافر الإتيان بهذا الدعاء عند إقبال الليل وفيه النداء والخطاب للجماد ; وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما والدارمي عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال ربي وربك الله ففيه خطاب للجماد. وصح أنه لما توفي صلى الله عليه وسلم أقبل أبو بكر رضي الله عنه حين بلغه الخبر، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه ; ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك . وفي رواية للإمام أحمد فقيل جهته، ثم قال وانبياه، ثم قبله ثلاثا وقال واصفياه ثم قبله ثلاثا وقال واخليلاه ففي ذلك نداء خطاب له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته. ولما تحقق عمر رضي الله عنه وفاته صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر رضي الله عنه، قال وهو يبكي بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا واتخذت منبرا لتسمعهم حن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند ربك أن جعل طاعتك طاعته، فقال (من يطع الرسول فقد أطاع الله) بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم، فقال (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون:
ص 175
(يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد اتبعك في قصر عمرك من لم يتبع نوحا في كبر سنه وطول عمره . فانظر إلى هذه الألفاظ التي صدرت من عمر رضي الله عنه. وقد تعدد فيها النداء له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وقد رواها كثير من أئمة الحديث ; وذكرها القاضي عياض في الشفاء والغزالي في الإحياء والقسطلاني في المواهب اللدنية، وابن الحاج في المدخل فيبطل بها وبغيرها قول المانعين للنداء القائلين إن كل نداء دعاء وكل دعاء عبادة، وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه أن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه وفي رواية إلينا جبريل نعاه والنعي هو الإخبار بالموت، وقد يكون الإخبار للعالم بموته تأسفا على فقده، فكل من الروايتين صحيح في المعنى، ففي هذا الحديث أيضا نداؤه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وفي المواهب: ورثته عمته صفية رضي الله عنها بمراث كثيرة، قالت في مطلع قصيدة منها: ألا يا رسول الله كنت رجاءنا * وكننت بنا برا ولم تك جافيا ففي البيت نداؤه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ولم ينكره عليها أحد من الصحابة رضي الله عنهم مع حضورهم وسماعهم له، ومما جاء من النداء للميت التلقين له بعد دفنه وقد ذكره كثير من الفقهاء واستندوا في ذلك إلى حديث الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه، واعتضد بشواهد. وصورته أن يقول للميت عند قبره بعد دفنه يا عبد الله ابن أمة الله اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، قل رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وبالكعبة قبلة وبالمسلمين إخوانا، ربي لا إله إلا هو رب العرش العظيم ففي التلقين النداء والخطاب للميت، وحديث نداء النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش المقتولين ببدر بعد إلقائهم في القليب مشهور رواه البخاري وأصحاب السنن، وذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ويقول أيسركم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ . وأما ما جاء من الآثار عن الأئمة الأحبار والعلماء الأخيار والأولياء الكبار مما يدل على جواز ذلك النداء والخطاب فشئ كثير تنقضي دون نقله الأعمار، ومضى على ذلك
ص 176
القرون والأعصار وما وقع منهم إنكار، فكيف يجوز الإقدام على تكفير المسلمين بشيء قام على ثبوته البراهين: وفي الحديث الصحيح من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه قال العلماء ترك قتل ألف كافر أولى من إراقة دم امرئ مسلم. فيجب الاحتياط في ذلك فلا يحكم بالكفر على أحد من أهل القبلة إلا بواضح قاطع للإسلام. وممن رد على محمد بن عبد الوهاب أحد أشياخه، وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردي صاحب حواشي شرح مختصر بأفضل، ومن جملة ما قاله في الرسالة التي رد بها عليه: يا ابن عبد الوهاب سلام على من اتبع الهدى فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تأثير ذلك المستغاث به من دون الله تعالى فعرفه الصواب وأبن له الأدلة على أنه لا تأثير لغير الله، فإن أبى فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين وأنت شاذ عن السواد الأعظم، فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين. قال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ا ه‍. والحاصل أن الذين اعتنوا بالرد عليه خلائق لا يحصون من مشارق الأرض ومغاربها من أرباب المذاهب الأربعة في كتب مبسوطة ومختصرة، وبعضهم التزم الرد عليه بنصوص مذهب الإمام أحمد، ليبين له أنه كاذب ملبس في انتسابه لمذهب الإمام أحمد رضي الله عنه. وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعلها الصحابة، ومن بعدهم من سلف الأمة وخلفها وانعقد الإجماع على استحبابها وجاء في فضلها والترغيب فيها أحاديث كثيرة: منها ما رواه البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من زار قبري كنت له شفيعا وشهيدا وهذه شفاعة خاصة للزائر غير شفاعته صلى الله عليه وسلم للعصاة، وروى الدارقطني وابن السكن وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من زار قبري وجبت له شفاعتي . وفي رواية من جاءني زائرا لا تعمله حاجة غير زيارتي كان حقا على أن أكون له شفيعا يوم القيامة . وفي رواية لابن منده من زارني في مسجدي بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي . وفي رواية لابن عدي من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني والمراد من الجفاء غلظ الطبع والبعد والإعراض عن المحبوب والمراد أنه فعل فعل الجافي، لا أنه جفا جفاء حقيقيا لأن ذلك أذى ولا يجوز أذاه صلى الله عليه وسلم
ص 177
وفي رواية للدارقطني من زارني متعمدا كان في جواري اليوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة . زاد في رواية ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة ، وفي رواية رواها ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيدا، أو قال شفيعا والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة لا حاجة لنا إلى الإطالة بذكرها مع إجماع السلف والخلف على استحبابها حتى ظهر المنكرون لها المانعون منها. وفي هذا القدر كفاية ومقنع، لمن كان بمرأى من التوفيق ومسمع. وبمجموع ما ذكرناه يبطل جميع ما ابتدعه محمد بن عبد الوهاب ولبس به على المؤمنين واستباح هو ومن تبعه دماءهم وأموالهم ولم ينتدب لمحاربته ومن تبعه أحد مثل سيدنا الشريف غالب رحمه الله تعالى، فإنه قام بهذا الأمر أتم قيام وبذل فيه جميع وسعه سنين متطاولة فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا، وتقدم أن الشريف مسعودا ومساعدا وأحمد بن سعيد وسرورا كل منهم لم يأذن لأحد من أتباعه في الحج ا ه‍ كلام السيد أحمد دحلان رحمه الله تعالى. الباب الرابع في نقل عبارات علماء المذاهب الأربعة في الرد على ابن تيمية، والكلام على بعض كتبه ومخالفته أهل السنة في بعض المسائل المهمة، ومنها اعتقاد الجهة في جانب الله، تعالى وتقدس فمن عاصره الإمام صدر الدين بن الوكيل المعروف بابن المرحل الشافعي وقد ناظره، ومنهم الإمام أبو حيان وكان صديقا له فلما اطلع على بدعه رفضه رفضا بتا وحذر الناس منه، ومنهم الإمام عز الدين بن جماعة رد عليه وشنع عليه كثيرا ولم أطلع على كتب هؤلاء الثلاثة وإنما ذكرهم ابن حجر وغيره، ومنهم الإمام كمال الدين الزملكاني الشافعي المتوفي سنة 727 ه‍. قال ابن الوردي في تاريخه كان غزير العلم كثير الفنون مسدد الفتاوى دقيق الذهن وذكر له في كشف الظنون [كتاب الدرة المضية في الرد على ابن تيمية] وقد ناظره في مسائله التي شذ بها عن المذاهب الأربعة ومن أشنعها مسألة منعه شد الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين ولا سيما سيد المرسلين والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبهم إلى رب العالمين (12 - شواهد الحق)
ص 178
ولم أطلع على كتابه هذا، وإنما اطلعت له على قصيدة بليغة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم تعرض فيها للرد على هذه الفرقة المفتونة فرقة ابن تيمية بقوله: يا صاحب الجاه عند الله خالقه * مارد جاهك إلا كل أفاك أنت الوجيه على رغم العدا أبدا * أنت الشفيع لفتاك ونساك يا فرقة الزيغ لا لقيت صالحة * ولا شفى الله يوما قلب مرضاك ولا حظيت بجاه المصطفى أبدا * ومن أعانك في الدنيا ووالاك ومنهم الإمام الكبير الشهير تقي الدين السبكي الشافعي. قال رحمه الله تعالى في كتابه [شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام]: اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الإيمان ولاس مع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما يسبق إليه في سائر الأعصار، وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة والتوسل قول لم يقله عالم قبله وضار به بين أهل الإسلام مثلة، وقد وقفت له على كلام طويل في ذلك رأيت من الرأي القويم أن أميل عنه إلى الصراط المستقيم ولا أتبعه بالنقض والإبطال، فإن دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين تقريب المعنى إلى أفهامهم وتحقيق مراده وبيان حكمه، ورأيت كلام هذا الشخص بالضد من ذلك فالوجه الإضراب عنه انتهى. وكتابه هذا [شفاء السقام] هو الذي قال فيه الإمام القسطلاني في المواهب اللدنية في مبحث زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه: وللشيخ تقي الدين بن تيمية هنا كلام شنيع عجيب يتضمن منع شد الرحال للزيارة النبوية المحمدية، وأنه ليس من القرب بل بضد ذلك ورد عليه الشيخ تقي الدين السبكي في [شفاء السقام] فشفى سدور المؤمنين ا ه‍. وقد قال في خطبته وضمنت هذا الكتاب الرد على من زعم: يعني ابن تيمية أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة وأن السفر إليها بدعة غير مشروعة، وهذه المقالة أظهر فسادا من أن يرد عليها العلماء، ولكني جعلت هذا الكتاب مستقلا في الزيارة وما يتعلق بها مشتملا من ذلك على جملة يعز جمعها على طالبها ا ه‍. وقال بعد ذلك في كتابه المذكور: وهذا الرجل يعني ابن تيمية قد تخيل أن الناس بزيارتهم متعرضون للإشراك بالله تعالى وبنى كلامه كله على ذلك وكل دليل ورد عليه يصرفه إلى غير هذا الوجه، وكل شبهة
ص 179
عرضت له يستعين بها على ذلك. فهذا داء لا دواء له إلا بأن يلهمه الله الحق. ألا ترى هو لما زار قصد ذلك وأشرك مع الله غيره. انتهت عبارة شفاء السقام. ورأيت للإمام السبكي عبارة في هذا الشأن، وهي موجودة الآن بخط يده في المكتبة الخالدية في القدس الشريف، وقد أرسلت فاستكتبتها، وهذه صورتها بحروفها: قال رحمه الله تعالى في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وقفت على كتاب العقل والنقل لابن تيمية وهو كتاب [موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول] المطبوع على هامش كتاب منهاج السنة النبوية كلاهما لابن تيمية فوجدت فيه مواضع أنكرتها وكتبت على بعضها حواشي فتحركت أنوف خلق له ففكرت في انتشار أصحاب هذا الرجل وما يخشى من انتشار بدعته وعدم من يقاومهم، فكتبت في ليلة السبت عاشر شوال سنة إحدى وخمسين وسبعمائة رقعة إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأل الله فيها ذلك، وفي آخرها إن كنت مصيبا في اعتقادي فقوني، وإن كنت مخطئا فاهدني، ثم أصبحت دفعتها للشيخ نور الدين السخاوي ليحملها فإنه عزم على الحج، وكان ذلك قبل الظهر، فلما كان الظهر جاءني شخص فأخبرني عن ابن تيمية بخبر يوجب شوطى فيه، وكنت سمعت عنه من شخص مسألة من نحو أربعين سنة فلم أصدقها، فلما تابعه هذا وقع في قلبي صحة ذلك، ثم جاء آخر وآخر وآخر بمثل ذلك، ثم نظمت قصيدة أرسلتها مع الشيخ نور الدين أيضا، فلما أكملت نظمها في ليلة الاثنين ثاني عشر الشهر المذكور وقع في قلبي أن الله تعالى ما هيأ لي تلك الأخبار في ذلك اليوم إلا هداية وجوابا عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظر هذه القضية ما أعجبها وفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم على، وها أنا أذكر نص ما كتبته في تلك الورقة وما نظمته إن شاء الله، والمرجو من الله إرسالهما ووصولهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونجحهما إن شاء الله، أما الورقة فنص ما فيها: بسم الله الرحمن الرحيم إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إني عبد ضعيف عاجز مسكين وجميع ما حصل لي من خير الدنيا والآخرة أنت كنت سببه وأنت وسيلتي إلى الله سبحانه: وإني نشأت على دين الإسلام سالما عن الشبه والبدع والأهوية والأغراض والميل إلى جانب من الجوانب، لا أعرف غير أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم اشتغلت بالقرآن ثم بالفقه على مذهب الشافعي لا أعرف غير ذلك ولم أسمع ولم يدخل في قلبي شيء غير ذلك لا من العقائد ولا من غيرها، ثم اشتغلت بنحو وأصول فقه وفرائض، ثم بعلم الحديث ذا تصويب فيه إليك، ثم نظرت في شيء من العلوم العقلية واشتغلت بعلم الكلام
ص 180
على طريقة الأشعري لأنها المشهورة في بلادنا التي رأيت عليها أهلي وقومي وبقيت أراها طريقة وسطى بين الحشو والاعتزال، ولا زلت على تلك حتى جاوزت عشرين سنة من عمري وأنا بالديار المصرية فشاع عندنا خبر ابن تيمية وما يتفق له بدمشق، وكان بها إذ ذاك علماء يقاومونه ; وفي مصر والقاهرة علماء وأكابر فأحضروه واتفق له ما اتفق بسبب العقائد ; ثم كتبت كلامه في التوسل والاستغاثة، وتكلم معه من هو أكبر مني ورأيته واجتمعت به كثيرا ثم عاد إلى الشام، ثم بلغنا كلامه في الطلاق، وأن من علق الطلاق على قصد اليمين. ثم حنث لا يقع عليه طلاق، ورددت عليه في ذلك، ثم بلغنا كلامه في السفر إلى زيارتك ومنعه إياه ورددت عليه في ذلك، ثم توفي وله أصحاب كثيرون يشيعون رأيه وينشرون تصانيفه، وجئت إلى دمشق كما يقال نائب شريعتك، ومن لي برضاك بذلك فأنا أقل عبيدك مسكت عن الكلام في العقائد من الجانبين لأني في نفسي أن عقولنا تضعف عن إدراك سبحات الحق جل جلاله، وأرى البقاء على الفطرة السليمة والاكتفاء بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن لا ينبه العوام لشيء آخر، ومن كان عالما ينظر بما يتيسر له، والمعصوم من عصم الله. لكن الطلاق والزيارة أنا شديد الإنكار لقول ابن تيمية فيهما ظاهرا وباطنا، والعقائد لا يعجبني ما اعتمده فيها من تحريك قلوب العوام فيها، انتهت عبارة الإمام السبكي بحروفها، وهي مكتوبة بخطه بلا نقط، وهكذا جاءتني صورتها فنقطتها، أما القصيدة التي ذكرها فغير موجودة. ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي الذي اتفقت الأمة بأسرها حتى الوهابية التابعون مذهب ابن تيمية، على جلالة قدره وغزارة علمه وتبحره في علم الكتاب والسنة وأنه خاتمة الحفاظ لم يأت بعده مثله. قال رحمه الله تعالى في [فتح الباري شرح البخاري] عند قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد بعد أن ذكر أن السبكي رد على ابن تيمية في مسألة تحريمه شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقره على ذلك ما نصه وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية، ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي. صلى الله عليه وسلم، وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدبا، لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع، والله الهادي إلى الصواب. قال بعض المحققين قوله: إلا إلى ثلاثة مساجد المستثنى منه محذوف
ص 181
فإما أن يقدر عاما فيصير لا تشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة، أو أخص من ذلك لا سبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها فتعين الثاني. والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة، وهو لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا إلى الثلاثة، فبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين، والله أعلم. انتهت عبارة فتح الباري. وقال الحافظ ابن حجر أيضا فيما كتبه على الرد الوافر على من زعم أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام كافر للحافظ ابن ناصر الدمشقي كما نقله الصفي البخاري في [القول الجلي]: ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة: يعني ابن تيمية مرارا بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة وبدمشق، ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ولا أفتى بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه رحمه الله تعالى من أهل الدولة حتى حبس بالقاهرة ثم بالإسكندرية، ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه وكثرة ورعه وزهده ووصفه بالسخاء والشجاعة وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام والدعاء إلى الله في السر والعلانية، فكيف لا ينكر على من أطلق عليه أنه كافر بل من أطلق على من سماء بشيخ الإسلام الكفر، وليس في تسميته بذلك ما يقتضي ذلك فإنه شيخ الإسلام بلا ريب، والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليه عنادا، وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم والتبري منه، ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب، فالذي أصاب فيه وهو الأكثر يستفاد منه ويترحم عليه بسببه، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه، أي كمسألة الزيارة والطلاق. انتهى ما أردت نقله من كلام الحافظ ابن حجر. ومنهم السيد صفي الدين الحنفي البخاري نزيل نابلس ألف كتابا مستقلا سماه [القول الجلي في ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي] ذكر فيه مناقبه وكلام العلماء في الثناء عليه، ذكر كاتبه في آخره أنه انتهى تأليفه سنة 1223 ه‍، وقرظ عليه علماء ذلك العصر كالشيخ عبد الرحمن الكزبرى الدمشقي والشيخ محمد التافلاتى المغربي مفتي القدس، وهو مطبوع على هامش كتاب [جلاء العينين في محاكمة الأحمدين] للسيد نعمان أفندي الآلوسي البغدادي. قال صفي الدين في كتابه المذكور، قد نص على أنه، أي ابن تيمية بلغ رتبة الاجتهاد جمع من العلماء ولم يتفرد بمسألة منكرة قط وإن كان قد خالف الأئمة الأربعة في مسائل فقد وافق فيها بعض الصحابة أو التابعين، ومن أشنع ما وقع له مسألة تحريم السفر إلى زيارة
ص 182
القبور، وقد قال به قبله أبو عبد الله بن بطة الحنبلي في الإبانة الصغرى، ثم قال صفي الدين وموضع آخر من كتابه المذكور: فإن قلت ما نقلته في هذا الجزء يدل على براءة الشيخ مما نسب إليه: يعني من التشبيه والتجسيم فما بال علي القاري والتقي الحصني وابن حجر الهيتمي وغيرهم ينسبونه إلى أمور فظيعة. قلت: اعلم وفقك الله تعالى أن ابن تيمية رحمه الله تعالى كان رجلا مشهورا بالعلم والفضل وحفظ السنة، وكان مبالغا في مذهب الإثبات وكان يكره التأويل أشد الكراهة، وكان يرد على الصوفية ما ذكروه في كتبهم من وحدة الوجود وما شاكلها كعادة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين، فرد على الشيخ محيي الدين بن العربي والشيخ عمر بن الفارض وعبد الحي بن سبعين وأضرابهم، وكان قد خالف الأئمة الأربعة في بعض الفروع كمسألة الزيارة والطلاق، وكان يناظر عليهما، فقام عليه ناس وحدوه وأبغضوه وأشاعوا عنه ما لم يقله من التشبيه والتجسيم وغير ذلك فدخل ذلك على بعض أهل العلم من الحنفية والشافعية وغيرهم ولم يطلبوا تحقيق ذلك من كتبه المشهورة واعتمدوا على السماع فوقع منهم ما قد وقع، وقد وقع مثل هذا لغير واحد من أهل العلم والفضل، ثم قال وقد أنكروا على الشيخ أشياء لا بأس بذكر الجواب عنها والاعتذار فأقول: قالوا يقول مجرمة السفر إلى زيارة القبور، وقد خالف في ذلك الإجماع. قال صفي الدين: قلت وهو مخطئ في ذلك أشد الخطأ: ولكن لا يلزم من القول به التفسيق فضلا عن التكفير لأنه صدر ذلك عن شبهة ولو كان ذلك الدليل خطأ عندنا. انتهى كلام صفي الدين البخاري ومثله العلماء الذين أثنوا على ابن تيمية ذكروا خطأه الفاحش في مسائله التي خالف فيها الإجماع. ومنهم الحافظ عماد الدين بن كثير الشافعي، قال رحمه الله تعالى: وبالجملة كان يعني الحافظ ابن القيم كما يدل عليه سياق كلامه رحمه الله تعالى من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب، ولكن خطؤه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في مجر لجي، وخطؤه أيضا مغفور له لما صح في صحيح البخاري إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر وقال الإمام مالك بن أنس: كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم، وما قاله في غاية الحسن، والحافظ المذكور ثقة حجة باتفاق، وقد ترجمه الحافظ ابن حجر بترجمة جليلة جدا فلا التفات إلى ما نقله عنه الشيخ تقي الدين الحصني. نعم كان يقول بقول الشيخ ابن تيمية في مسألة الطلاق فأوذي بسببه ومع أنه
ص 183
خالف الأئمة الأربعة في ذلك فلم ينفرد به كما هو مبين في موضعه، وهو وإن كان خطأ فاحشا فلا يوجب التفسيق فافهم. انتهت عبارة القول الجلي. ومنهم شيخ الإسلام صالح البلقيني الشافعي. قال في القول الجلي: وقال شيخ الإسلام صالح ابن شيخ الإسلام عمر البلقيني رحمهما الله تعالى فيما كتبه على كتاب [الرد الوافر]: ولقد افتخر قاضي القضاة تاج الدين السبكي بأن الحافظ المزي لم يكتب لفظة شيخ الإسلام إلا لأبيه، وللشيخ تقي الدين ابن تيمية، وللشيخ شمس الدين أبي عمر، فلولا أن ابن تيمية في غاية العلو في العلم والعمل ما قرن ابن السبكي أباه معه في هذه المنقبة التي نقلها ; ولو كان ابن تيمية مبتدعا أو زنديقا ما رضي أن يكون أبوه قرينا له. نعم قد ينسب الشيخ تقي الدين لأشياء أنكرها عليه معارضوه وانتصب للرد عليه الشيخ تقي الدين السبكي في مسألتي الزيارة والطلاق وأفرد كلا منهما بتصنيف، وليس في ذلك ما يقتضي كفره ولا زندقته أصلا، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر، والسعيد من عدت غلطاته وانحصرت سقطاته، ثم إن الظن بالشيخ تقي الدين أنه لم يصدر ذلك منه تهورا وعدوانا حاش لله، بل لعله لرأي رآه وأقام عليه برهانا ولم نقف إلى الآن بعد التتبع والفحص على شيء من كلامه يقتضي كفره ولا زندقته إنتهى. ومنهم الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي. قال الصفي البخاري في القول الجلي بعد أن ذكر بعض من اعترضوا على ابن الفارض: وأما الذي في اعتقادنا فابن الفارض رجل كبير عظيم المقدار وكان شيخنا لجلال السيوطي مع ذمه القول بالوحدة المطلقة يعتقد فيه، وصنف جزءا وسماه [قمع المعارض لابن الفارض] وذكر على هامش كتاب [جلاء العينين] المطبوع ما نصه، وهو: أي الجزء الذي صنفه السيوطي في ابن الفارض جزء نحو خمس ورقات ذكر فيه أهل الفنون الشرعية والعقلية وأهل المذاهب الأربعة وتكلم على كل فريق منهم بما أداه إليه نظره، فقال في أثناء الكلام على الفقهاء الشافعية: واحذر الكبر والعجب بعلمك فيا سعادتك إن نجوت منه كفافا لا عليك ولا لك، فوالله ما رمقت عيني أوسع علما ولا أقوى ذكاء من رجل يقال له ابن تيمية مع الزهد في المأكل والملبس والنساء، ومع القيام في الحق والجهاد بكل ممكن، وقد تعبت في رزيته وفتنته حتى ملكت في سنين متطاولة فما وجدت قد أضره في أهل مصر والشام ومقتته نفوسهم وازدروا به وكذبوه وكفروه إلا بالكبر والعجب وفرط الغرام في رياسة المشيخة والازدراء بالكبار. فانظر كيف وبال الدعاوى ومحبة الظهور ونسأل الله المسامحة فقد قام عليه ناس ليسوا
ص 184
بأورع منه ولا أعلم منه ولا أزهد منه، بل يتجاوزون عن ذنوب أصحابهم وآثام أصدقائهم وما سلطهم الله عليه بتقواهم أو جلالتهم بل بذنوبه، وما دفع الله عنه وعن أتباعه أكثر، وما جرى عليهم إلا بعض ما يستحقون فلا تكن في ريب من ذلك، وقال أيضا في أثناء الكلام على أصول الدين: فإن برعت في الأصول وتوابعها من المنطق والحكمة والفلسفة، وآراء الأوائل ومجاراة العقول، واعتصمت مع ذلك بالكتاب والسنة وأحوال السلف، ولفقت بين العقل والنقل، فما أظنك في ذلك تبلغ رتبة ابن تيمية ولا والله تقاربها، وقد رأيت ما آل أمره إليه من الحط عليه والهجو والتضليل والتكفير بحق وبباطل، فقد كان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منورا مضيئا على محياه سيما السلف، ثم صار مظلما مكسوفا عليه قتمة عند خلائق من الناس، ودجالا أفاكا كافرا عند أعدائه، ومبتدعا فاضلا محققا بارعا عند طوائف من عقلاء الفضلاء، وحامل راية الإسلام، وحامى حوزة الدين، ومحيي السنة عند عموم أصحابه هو ما أقول لك، انتهت عبارة الحافظ السيوطي. قال كاتبها صديق حسن خان البهوبالى: فأنت ترى كلامه في الشيخ فزنه بعقلك فإنه ظاهر التناقض، والله أعلم بالسرائر. وقد وزنت كلام السيوطي بعقلي فلم أجد فيه تناقضا، ولكنه حكى ما يعلمه من أحوال ابن تيمية، فمدحه تارة، وذمه أخرى بحسب أوصافه التي تقتضي المدح والذم، وليس في ذلك شيء من التناقض، رحمهما الله تعالى. ومنهم الشيخ عبد الرحمن الكزبرى الدمشقي الشافعي. قال في تقريظه على كتاب [القول الجلي] للصفي البخاري المذكور سابقا بعد أن أثنى على ابن تيمية، وأن ما يعزى إليه من بعض المخالفات في الأصول والابتداع هو منه برئ كما يصرح به النقل من كلامه في مشهور مؤلفاته الدال على أنه بموافقة أهل السنة جرى، وما يعزى إليه من المخالفات في بعض الفروع والطعن في السادة الصوفية أولي الشأن العلي المعروف. فذلك مما لا نوافقه عليه ولا نسلم شيئا من ذلك إليه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، انتهى كلام الكزبرى، وبه يتم ما نقلته من كتاب [القول الجلي] للشيخ صفي الدين البخاري وتقاريظه. ومنهم ملا علي القاري الحنفي. قال في شرحه على الشفاء: وقد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم كما أفرط غيره، حيث قال: كون الزيارة قربة معلوم من الدين بالضرورة، وجاحده محكوم عليه بالكفر، ولعل
ص 185
الثاني أقرب إلى الصواب لأن تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يكون كفرا لأنه فوق تحريم المباح المتفق عليه في هذا الباب انتهت عبارته. ومنهم شهاب الدين الخفاجي الحنفي. قال رحمه الله تعالى في شرح الشفاء بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد : واعلم أن هذا الحديث هو الذي دعا ابن تيمية ومن تبعه كابن القيم إلى مقالته الشنيعة التي كفروه بها، وصنف فيها السبكي مصنفا مستقلا، وهي منعه من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحال إليه، وهو كما قيل. لمهبط الوحي حقا ترحل النجب * وعند ذاك المرجى ينتهى الطلب فتوهم أنه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها، فإنها لا تصدر عن عاقل فضلا عن فاضل سامحه الله تعالى، انتهت عبارة الشهاب الخفاجي، وفسر الحديث المذكور يأن القوم الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد: أي يسجدون إليها كما يسجدون للأوثان، وذكر رواية أخرى مصرحة بأولئك القوم، وهي قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وأنت على علم من أنه لا أحد من الزائرين يسجد لقبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك ممنوع قطعا بالاتفاق لهذا الحديث وغيره. وقال أيضا في موضع آخر من شرح الشفاء: روى القاضي عياض بسنده إلى ابن حميد أحد رواة مالك، قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوما، فقال (لا ترفعوا أصواتكم) ومدح قوما، فقال (الذين يغضون أصواتهم) وذم قوما، فقال (إن الذين ينادونك) وإن حرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر وقال: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه الصلاة والسلام إلى الله تعالى يوم القيامة، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله. قال الشهاب الخفاجي، وفي هذا رد على ما قاله ابن تيمية من أن استقبال القبر الشريف في الدعاء عند الزيارة أمر منكر لم يقل به أحد ولم يرو إلا في حكاية مفتراة على الإمام مالك: يعني هذه القصة التي أوردها المصنف القاضي عياض رحمه الله تعالى هنا، ولله دره حيث أوردها بسند صحيح، وذكر أنه تلقاها عن عدة من ثقات مشايخه، فقوله أي ابن
ص 186
تيمية: إنها أمر منكر كذب محض ومجازفة من ترهاته، وقوله: لم ينقل ولم يرو باطل ; فإن مذهب مالك وأحمد والشافعي رضي الله تعالى عنهم استحباب استقبال القبر الشريف في السلام والدعاء، وهو مسطر في كتبهم. انتهت عبارة الشهاب الخفاجي. وقال أيضا في شرح الشفاء عند قول المصنف. وقال صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا قبري عيدا أي كالعبد باجتماع الناس عنده، وقد تقدم تأويل الحديث، وأنه لا حجة فيه لما قاله ابن تيمية وغيره، فإن إجماع الأمة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه فإنه نزغة شيطانية، انتهت عبارة الشهاب. وقوله: وقد تقدم تأويل الحديث: أي في آخر عبارته السابقة، فإنه قال هناك: وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا قبري عيدا ، فقيل كره الاجتماع عنده في يوم معين على هيئة مخصوصة، وقيل المراد لا تزوروه في العام مرة فقط بل أكثروا الزيارة له كما مر. وأما احتماله للنهي عنها فهو بفرض أنه المراد محمول على حالة مخصوصة: أي لا تتخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الأعياد، بل لا يؤتى إلا للزيارة والسلام والدعاء ثم ينصرف. ومنهم العلامة خليل بن إسحاق المالكي الشهير. قال الإمام القسطلاني في المواهب اللدنية: وينبغي للزائر أن يكثر الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به صلى الله عليه وسلم، فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله فيه ا ه‍. قال الإمام الزرقاني في شرحه بعد ما ذكر: ونحو هذا في منسك العلامة خليل وزاد وليتوسل به صلى الله عليه وسلم ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسل به، إذ هو محط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب لأن بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته وأضل سريرته. ألم يسمع قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك) الآية ا ه‍. ولعل مراده التعريض بابن تيمية، انتهت عبارة الإمام الزرقاني. ومنهم الإمام محمد الزرقاني المالكي. قال حرمه الله تعالى في شرحه على المواهب اللدنية عند قول الإمام القسطلاني فيها، والحكاية المروية عنه: أي عن الإمام مالك أنه أمر المنصور أن يستقبل القبر وقت الدعاء كذب على مالك كذا قال: يعني ابن تيمية، قال الزرقاني تبرأ: أي القسطلاني منه: أي من كلام ابن تيمية في تكذيب الحكاية، لأن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه [فضائل مالك]: ومن طريقه الحافظ أبو الفضل عياض في الشفاء بإسناد لا بأس به بل قيل إنه صحيح، فمن أين أنها كذب؟ وليس
ص 187
في رواتها كذاب ولا وضاع، ولكنه: يعني ابن تيمية لما ابتدع له مذهبا، وهو عدم تعظيم القبور ما كانت، وأنها إنما تزار للاعتبار والترحم، بشرط أن لا يشد إليها رحل صار كل ما خالف ما ابتدعه بفاسد عقله عنده كالصائل لا يبالي بما يدفعه، فإذا لم يجد له شبهة واهية يدفعه بها بزعمه انتقل إلى دعوى أنه كذب على من نسب إليه مباهتة ومجازفة وقد أنصف من قال فيه: علمه أكبر من عقله ا ه‍. وقال الزرقاني أيضا في موضع آخر من شرح المواهب عند قول القسطلاني فيها: وقد روى أن مالكا لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي: يا أبا عبد الله أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك ولم تصرف وجهك عنه؟ وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى عز وجل يوم القيامة. قال الإمام القسطلاني: لكن رأيت منسوبا للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه إن هذه الحكاية كذب على مالك، وأن الوقوف عند القبر بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده صلى الله عليه وسلم. قال: يعني ابن تيمية: ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك، انتهت عبارة متن المواهب. قال الزرقاني في شرحه عند قول ابن تيمية: إن هذه الحكاية كذب على مالك: هذا تهور عجيب، فإن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه [فضائل مالك] بإسناد لا بأس به وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه فمن أين أنها كذب؟ وليس في إسنادها وضاع ولا كذاب. وقال عند قول ابن تيمية: إن الوقوف عند القبر بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه: نفيه مردود عليه من قصوره أو مكابرته. ففي الشفاء قال بعضهم: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرف وقال عند قول ابن تيمية: ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك: كذا قال، وهو خطأ قبيح، فإن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلا له مستدبرا القبلة، وممن نص على ذلك أبو الحسن القابسي وأبو بكر بن عبد الرحمن والعلامة خليل في منسكه ونقله في الشفاء عن ابن وهب عن مالك قال: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف وجهة إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يمس القبر بيده ا ه‍.
ص 188
قال الزرقاني: وإلى هذا ذهب الشافعي والجمهور، ونقل عن أبي حنيفة قال ابن الهمام: وما نقل عنه أنه يستقبل القبلة مردود بما روي عن ابن عمر: من السنة أن يستقبل القبر المكرم ويجعل ظهره للقبلة وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة، وقول الكرماني مذهبه خلافه ليس بشيء لأنه صلى الله عليه وسلم حي ومن يأتي لحي إنما يتوجه إليه ا ه‍. قال الزرقاني: ولكن هذا الرجل: يعني ابن تيمية ابتدع له مذهبا، وهو عدم تعظيم القبور، وأنها إنما تزار للترحم والاعتبار، بشرط أن لا يشد إليها رحل، فصار كل ما خالفه عنده كالصائل لا يبالي بما يدفعه، فإذا لم يجد له شبهة واهية يدفعه بها بزعمه انتقل إلى دعوى أنه كذب على من نسب إليه مجازفة وعدم نصفة، وقد أنصف من قال فيه: علمه أكبر من عقله ا ه‍. ثم بعد عدة أوراق أعاد ذلك في المواهب: وأعاد الزرقاني الرد على ابن تيمية فقال: قوله ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك، يقال له في أي كتاب نص على كراهته، فإنه نص في رواية ابن وهب عنه، وهو من أجل أصحابه على أنه يقف للدعاء، وأقل مراتب الطلب والاستحباب، وجزم به الحافظ أبو الحسن القابسي، وأبو بكر بن عبد الرحمن وغيرهما من أئمة مذهب مالك، وجزم به العلامة خليل بن إسحاق في منسكه، أفما يستحي هذا الرجل من تكذيبه بما لم يحط بعلمه؟ وأعاد قوله السابق في التشنيع على ابن تيمية أنه صار كل ما خالف ما ابتدعه بفاسد عقله عنده كالصائل إلى آخره. ومنهم الصلاح الصفدي الشافعي. قال في شرحه على لامية العجم عند قول الطغرائي: ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني * باللمح من خلل الأستار والكلل وسألت الشيخ الإمام العلامة تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى سنة 718 بدمشق المحروسة عن قوله تعالى (وأخر متشابهات) إلى آخر ما قاله هناك من أسئله















 الموضوع الأصلي : الإستغاثة بسيد الخلق // المصدر : mytiger // الكاتب:اشرف فتح الباب



الإستغاثة بسيد الخلق

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

» الإستغاثة بسيد الخلق
» الإستغاثة بسيد الخلق
» الاستغاثة بسيد الخلق
» في حسن الخلق
» في سبب إقبال الخلق على علم الخلاف وتفصيل آفات المناظرة والجدل وشروط إباحتها

الكلمات الدليلية (Tags)
لا يوجد

الــرد الســـريـع
..
الرد السريع
هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة

خــدمات المـوضـوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
الإستغاثة بسيد الخلق , الإستغاثة بسيد الخلق , الإستغاثة بسيد الخلق ,الإستغاثة بسيد الخلق ,الإستغاثة بسيد الخلق , الإستغاثة بسيد الخلق
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ الإستغاثة بسيد الخلق ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
>




مواضيع ذات صلة