mytiger
منتديات MYTIGER
كل عام وسيادتكم بخير و اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وبالك وان يفرج همك وغمك ويذهب عنك كل حزن ومرض وفاقة وهم وغم وضيق وكرب ويكرمك في الدنيا والآخرة ويرفع قدرك في الدنيا والآخرة وان يسبل عليك ستره وان يسبغ عليك نعمه كلها ظاهرة و باطنه ما علمنا منها وما لم نعلم وان يدخلك الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب يا رب العالمين
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم
منتدياتMYTIGER ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله
ونرجوا أن تفيد وتستفيد منا
وشكراً لتعطيرك المنتدى بباقتك الرائعة من مشاركات مستقبلية
لك منا أجمل المنى وأزكى التحيات والمحبة
mytiger
منتديات MYTIGER
كل عام وسيادتكم بخير و اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وبالك وان يفرج همك وغمك ويذهب عنك كل حزن ومرض وفاقة وهم وغم وضيق وكرب ويكرمك في الدنيا والآخرة ويرفع قدرك في الدنيا والآخرة وان يسبل عليك ستره وان يسبغ عليك نعمه كلها ظاهرة و باطنه ما علمنا منها وما لم نعلم وان يدخلك الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب يا رب العالمين
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم
منتدياتMYTIGER ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله
ونرجوا أن تفيد وتستفيد منا
وشكراً لتعطيرك المنتدى بباقتك الرائعة من مشاركات مستقبلية
لك منا أجمل المنى وأزكى التحيات والمحبة
mytiger
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

mytiger

برامج.العاب.افلام.اغانى.شرح برامج
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى تحت التطوير حاليا
مرحبا بكم فى MYTIGER

شاطر|
بيانات كاتب الموضوع
الإستغاثة بسيد الخلق
كاتب الموضوعرسالة
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مدير عام المنتديات
الرتبه:
مدير عام المنتديات
الصورة الرمزية

اشرف فتح الباب

البيانات
نقاط : 2081
تاريخ التسجيل : 02/10/2012
المزاج : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

موضوع: الإستغاثة بسيد الخلق الإستغاثة بسيد الخلق  Icon_minitime1الأحد نوفمبر 18, 2012 10:50 pm






[size=24][b]ص 153
الله، بل هم يعتقدون أنهم عبيد الله مخلوقون له ولا يعتقدون استحقاقهم العبادة ولا أنهم يخلقون شيئا ولا أنهم يملكون نفعا أو ضرا، وإنما قصدوا التبرك بهم لكونهم أحباء الله المقربين الذين اصطفاهم واجتباهم وببركتهم يرحم الله عباده، ولذلك شواهد كثيرة من الكتاب والسنة سنذكر لك كثيرا منها ; فاعتقاد المسلمين أن الخالق النافع الضار هو الله وحده، ولا يعتقدون استحقاق العبادة إلا لله وحده، ولا يعتقدون التأثير لأحد سواه، وأما المشركون الذين نزلت فيهم الآيات السابق ذكرها، فكانوا يتخذون الأصنام آلهة والإله معناه المستحق للعبادة، فهم يعتقدون استحقاق الأصنام للعبادة ; فاعتقادهم استحقاقها العبادة هو الذي أوقعهم في الشرك فلما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فكيف يجوز لمحمد بن عبد الوهاب وأتباعه أن يجعلوا المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين الذين يعتقدون ألوهية الأصنام. إذا علمت هذا تعلم أن جميع الآيات المتقدم ذكرها وما ماثلها من الآيات خاص بالكفار المشركين ولا يدخل فيها أحد من المؤمنين لأنه لا يعتقدون ألوهية غير الله تعالى ولا يعتقدون استحقاق العبادة لغيره، وقد تقدم حديث البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فحملوها على المؤمنين فهذا الوصف صادق على ابن عبد الوهاب وأتباعه فيما صنعوه، ولو كان شيء مما صنعه المؤمنون من التوسل إشراكا ما كان يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها فإنهم جميعهم كانوا يتوسلون، فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وهذا توسل صريح لا شك فيه، وكان يعلم هذا الدعاء أصحابه رضي الله عنهم ويأمرهم بالإتيان به. فقد روى ابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا إليك فإنى لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك وذكره الجلال السيوطي في الجامع الكبير، وذكره أيضا كثير من الأئمة في كتبهم عند ذكر الدعاء المسنون عند الخروج إلى الصلاة، بل قال بعضهم ما من أحد من السلف إلا وكان يدعو بهذا الدعاء عند خروجه
ص 154
إلى الصلاة، فانظر قوله أسألك بحق السائلين عليك فإن فيه التوسل بكل عبد مؤمن وروى الحديث المذكور أيضا ابن السني بإسناد صحيح عن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه، ولفظه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة قال: بسم الله آمنت بالله وتوكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق مخرجي هذا فإني لم أخرج بطرا ولا أشرا ولا رياء ولا سمعة خرجت ابتغاء مرضاتك واتقاء سخطك أسألك أن تعيذني من النار وأن تدخلني الجنة ورواه الحافظ أبو نعيم في عمل اليوم والليلة من حديث أبي سعيد بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة قال: اللهم إلى آخر ما تقدم في رواية ابن السني، ورواه البيهقي في كتاب الدعوات من حديث أبي سعيد أيضا، ومحل الاستدلال قوله بحق السائلين عليك فهذا توسل صدر منه صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يقولوه، ولم يزل السلف من التابعين وأتباعهم ومن بعدهم يستعملون هذا الدعاء عند خروجهم إلى الصلاة ولم ينكر عليهم أحد في الدعاء به. ومما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من التوسل قوله صلى الله عليه وسلم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ، وهذا اللفظ قطعة من حديث طويل رواه الطبراني في الكبير والأوسط وابن حبان والحاكم وصححوه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها وكانت ربت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها وقال رحمك الله يا أمي بعد أمي وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده وأمره بحفر قبرها، قال فلما بلغوا اللحد حفره صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال: الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين وروى ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه مثل ذلك، وكذا روى مثله ابن عبد البر عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه أبو نعيم في الحلية عن أنس رضي الله عنه ذكر ذلك كله الحافظ السيوطي في الجامع الكبير. ومن الأحاديث الصحيحة التي جاء التصريح فيها بالتوسل ما رواه الترمذي والنسائي والبيهقي والطبراني بإسناد صحيح عن عثمان بن حنيف، وهو صحابي مشهور رضي الله عنه
ص 155
أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ادع الله أن يعافيني، فقال إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير، قال فادعه، فأمره أن يتوضأ فليحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في فعاد وقد أبصر . وفي رواية قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط وخرج هذا الحديث أيضا البخاري في تاريخه وابن ماجه والحاكم في المستدرك بإسناد صحيح، وذكره الجلال السيوطي في الجامع الكبير والصغير، ففي هذا الحديث والتوسل والنداء، وابن عبد الوهاب يمنع كلا منهما ويحكم بكفر من فعل ذلك، وليس لابن عبد الوهاب أن يقول إن هذا إنما كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الدعاء استعملته أيضا الصحابة والتابعون بعدو فإنه صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم. فقد روى الطبراني والبيهقي أن رجلا كان يختلف إلى عثمان رضي الله عنه في زمن خلافته في حاجة فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له ائت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك لتقضى حاجتي وتذكر حاجتك، فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان رضي الله عنه، فجاءه البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه، وقال اذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها، ثم قال له ما كان لك من حاجة فاذكرها، ثم خرج من عنده فلقى ابن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي حتى كلمته لي، فقال ابن حنيف والله ما كلمته ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره إلى آخر الحديث المتقدم، فهذا توسل ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. وروى البيهقي وابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر رضي الله عنه فجاء بلال بن الحارث رضي الله عنه قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأخبره أنهم يسقون وليس الاستدلال بالرؤيا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن رؤياه وإن كان حقا لكن لا تثبت بها الأحكام لإمكان اشتباه الكلام على الرائي لا لشك في الرؤيا. وإنما الاستدلال بفعل بلال بن الحارث في اليقظة فإنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإتيانه لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه له وطلبه أن يستسقي لأمته دليل على أن ذلك
ص 156
جائز، وهو من باب التوسل والتشفع والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم، وذلك من أعظم القربات، وقد توسل به صلى الله عليه وسلم أبوه آدم قبل وجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها. قال بعض المفسرون في قوله تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) إن الكلمات هي توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم. وروى البيهقي بإسناد صحيح في كتابه [دلائل النبوة] الذي قال فيه الحافظ الذهبي عليك به فإنه كله هدى ونور. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليه فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك ، ورواه أيضا الحاكم وصححه والطبراني، وزاد فيه وهو آخر الأنبياء من ذريتك . وإلى هذا التوسل أشار الإمام مالك رحمه الله تعالى للخليفة الثاني من بني العباس، وهو المنصور جد الخلفاء العباسيين. وذلك أنه لما حج المنصور المذكور وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم سأل الإمام مالكا وهو بالمسجد النبوي، وقال له يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله فيك. قال تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) ذكره القاضي عياض في الشفاء وساقه بإسناد صحيح، وذكره الإمام السبكي في [شفاء السقام في زيارة خير الأنام] والسيد السمهودي في [خلاصة الوفا] والعلامة القسطلاني في [المواهب اللدنية]، والعلامة ابن حجر في [تحفة الزوار، والجوهر المنظم] وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم. قال العلامة ابن حجر في [الجوهر المنظم] رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه، وقال العلامة الزرقاني في [شرح المواهب] ورواها ابن فهد بإسناد جيد، ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح رجاله ثقات ليس في إسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الإمام مالك، ونسب له كراهية
ص 157
استقبال القبر، فنسبة الكراهة إلى الإمام مالك مردودة، واستسقى عمر رضي الله عنه في زمن خلافته بالعباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه لما اشتد القحط عام الرمادة فسقوا، وذلك مذكور في صحيح البخاري من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه وذلك من التوسل، بل في المواهب اللدنية للعلامة القسطلاني أن عمر رضي الله عنه لما استسقى بالعباس رضي الله عنه. قال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا به في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى، ففيه التصريح بالتوسل. وبهذا يبطل قول من منع التوسل مطلقا سواء كان بالأحياء أو بالأموات، وقول من منع ذلك بغير النبي صلى الله عليه وسلم، لأن فعل عمر رضي الله عنه حجة لقوله صلى الله عليه وسلم إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه رواه الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر وغيره، وروى الطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر معي وأنا مع عمر والحق بعدي مع عمر حيث كان ، وهذا مثل ما صح في حق على رضي الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم في حقه وأدر الحق معه حيث دار وهو حديث صحيح رواه كثير من أصحاب السنن، فكل من عمر وعلي رضي الله عنهما يكون الحق معه حيث كان، وهذان الحديثان من جملة الأدلة التي استدل بها أهل السنة على صحة خلافة الخلفاء الأربعة، لأن عليا رضي الله عنه كان مع الخلفاء الثلاثة قبله لم ينازعهم في الخلافة، فلما جاءت الخلافة له ونازعه غيره قاتله، ومن الأدلة الدالة على أن توسل عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه حجة على جواز التوسل قوله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي لكان عمر رواه الإمام أحمد وغيره عن عقبة بن عامر وغيره. وروى الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فإنهما حبل الله الممدود من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، وإنما استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس ولم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم ليبين للناس أن الاستسقاء بغير النبي صلى الله عليه وسلم جائز ومشروع لا حرج فيه، لأن الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان معلوما عندهم فلربما يتوهم بعض الناس أنه لا يجوز الاستسقاء بغير النبي صلى الله عليه وسلم فبين لهم عمر رضي الله عنه الجواز، ولو استسقى بالنبي صلى الله عليه وسلم لأفهم أنه لا يجوز الاستسقاء
ص 158
بغيره صلى الله عليه وسلم، ولا يصح أن يقال إنما استسقى بالعباس ولم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن العباس حي والنبي صلى الله عليه وسلم قد مات، لأن الاستسقاء إنما يكون بالحي، لأن هذا القول باطل مردود بأدلة كثيرة: منها توسل الصحابة به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كما تقدم في القصة التي رواها عثمان بن حنيف، وكما في حديث بلال ابن الحارث المتقدم، وكما في توسل آدم الذي رواه عمر رضي الله عنه كما تقدم، فكيف يعتقد عدم صحته بعد وفاته، وقد روى التوسل به قبل وجوده مع أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره. فتلخص من هذا أنه يصح التوسل به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وفي حياته وبعد وفاته، وأنه يصح التوسل أيضا بغيره من الأخيار كما فعله عمر رضي الله عنه حين استسقى بالعباس رضي الله عنه، وذلك من أنواع التوسل كما تقدم، وإنما خص عمر العباس رضي الله عنهما من سائر الصحابة لا ظهار شرف أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولبيان أنه يجوز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل فإن عليا رضي الله عنه كان موجودا وهو أفضل من العباس رضي الله عنه. قال بعض العارفين: وفي توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما دون النبي صلى الله عليه وسلم نكتة أخرى أيضا زيادة على ما تقدم، وهي شفقة عمر رضي الله عنه على ضعفاء المؤمنين وعوامهم، فإنه لو استسقى بالنبي صلى الله عليه وسلم لربما تتأخر الإجابة لأنها معلقة بإرادة الله ومشيئته، فإذا تأخرت الإجابة ربما يقع وسوسة واضطراب لمن كان ضعيف الإيمان بسبب تأخر الإجابة، بخلاف ما إذا كان التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إذا تأخرت الإجابة لا تحصل تلك الوسوسة والاضطراب. والحاصل أن مذهب أهل السنة والجماعة صحة التوسل وجوازه بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته وكذا بغيره من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين كما دلت عليه الأحاديث السابقة لأنا معاشر أهل السنة لا نعتقد تأثيرا ولا خلقا ولا إيجادا ولا إعداما ولا نفعا ولا ضرا إلا لله وحده لا شريك له، فلا نعتقد تأثيرا ولا نفعا ولا ضرا للنبي صلى الله عليه وسلم باعتبار الخلق والإيجاد والتأثير ولا لغيره من الأحياء والأموات، فلا فرق في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وكذا بالأولياء والصالحين لا فرق بين كونهم أحياء أو أمواتا
ص 159
لأنهم لا يخلقون شيئا وليس لهم تأثير في شيء، وإنما يتبرك بهم لكونهم أحياء الله تعالى، والخلق والإيجاد والتأثير لله وحده لا شريك له. وأما الذين يفرقون بين الأحياء والأموات فإنهم يعتقدون التأثير للأحياء دون الأموات ونحن نقول (الله خالق كل شيء - والله خلقكم وما تعملون) فهؤلاء المجوزون التوسل بالأحياء دون الأموات هم الذين دخل الشرك في توحيدهم لكونهم اعتقدوا تأثير الأحياء دون الأموات، فهم الذين اعتقدوا تأثير غير الله تعالى، فكيف يدعون الحافظة على التوحيد وينسبون غيرهم إلى الإشراك سبحانك هذا بهتان عظيم فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد، وليس لها في قلوب المؤمنين معنى إلا التبرك بذكر أحباء الله تعالى لما ثبت أن الله يرحم العباد بسببهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا، فالمؤثر والموجد حقيقة هو الله تعالى، وهؤلاء سبب عادي في ذلك لا تأثير لهم، وذلك مثل السبب العادي فإنه لا تأثير له. وحياة الأنبياء في قبورهم ثابتة بأدلة كثيرة استدل بها أهل السنة وكذا حياة الشهداء والأولياء، وليس هذا محل بسط الكلام عليها. وشبهة هؤلاء المانعين للتوسل أنهم رأوا بعض العامة يتوسعون في الكلام ويأتون بألفاظ توهم أنهم يعتقدون التأثير لغير الله تعالى ويطلبون من الصالحين أحياء وأمواتا أشياء جرت العادة بأنها لا تطلب إلا من الله تعالى ويقولون للولي افعل لي كذا وكذا، وربما يعتقدون الولاية في أشخاص لم يتصفوا بها، بل اتصفوا بالتخليط وعدم الاستقامة، وينسبون لهم كرامات وخوارق عادات وأحوالا ومقامات ليسوا بأهل لها ولم يوجد فيهم شيء منها، فإنما أراد هؤلاء المانعون للتوسل أن يمنعوا العامة من تلك التوسعات دفعا للابهام وسدا للذريعة وإن كانوا يعلمون أن العامة لا تعتقد تأثيرا ولا نفعا ولا ضرا لغير الله تعالى، ولا تقصد بالتوسل إلا التبرك ولو أسندوا للأولياء شيئا لا يعتقدون فيهم تأثيرا. فنقول لهم: إذا كان الأمر كذلك وقصدتم سد الذريعة. فما الحامل لكم على تكفير الأمة عالمهم وجاهلهم خاصهم وعامهم، وما الحامل لكم على منع التوسل مطلقا؟ بل كان ينبغي لكم أن تمنعوا العامة من الألفاظ الموهمة وتأمروهم سلوك الأدب في التوسل مع أن تلك الألفاظ الموهمة يمكن حملها على الإسناد المجازي مجازا عقليا كما يحمل على ذلك قول القائل: هذا الطعام أشبعني وهذا الماء أرواني وهذا الدواء أو الطبيب نفعني، فإن ذلك كله عند أهل السنة محمول على المجاز العقلي فإن الطعام لا يشبع والمشبع هو الله تعالى، والطعام سبب عادي لا تأثير له وكذا ما بعده. فالمسلم الموحد متى صدر منه إسناد الشيء لغير من هو له
ص 160
يجب حمله على المجاز العقلي، وإسلامه وتوحيده قرينة على ذلك كما نص على ذلك علماء المعاني في كتبهم وأجمعوا عليه. وأما منع التوسل مطلقا فلا وجه له مع ثبوته في الأحاديث الصحيحة ومع صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها، فهؤلاء المنكرون التوسل المانعون منه: منهم من يجعله حراما، ومنهم من يجعله كفرا وإشراكا، وكل ذلك باطل لأنه يؤدي إلى اجتماع معظم الأمة على الحرام والاشراك، لأن من تتبع كلام الصحابة والعلماء من السلف والخلف يجد التوسل صادرا منهم، بل ومن كل مؤمن في أوقات كثيرة واجتماع أكثرهم على الحرام أو الإشراك لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تجتمع أمتي على ضلالة بل قال بعضهم إنه حديث متواتر، وقال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت الناس) فكيف تجتمع كلها أو أكثرها على ضلالة وهي خير أمة أخرجت للناس، فاللائق بهؤلاء المنكرين إذا أرادوا سد الذريعة ومنع الألفاظ الموهمة كما زعموا أن يقولوا: ينبغي أن يكون التوسل بالأدب وبالألفاظ التي ليس فيها إيهام، كأن يقول المتوسل: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء قبله وبعبادك الصالحين أن تفعل بي كذا وكذا، لا أنهم يمنعون التوسل مطلقا، ولا أن يتجاسروا على تكفير المسلمين الموحدين الذين لا يعتقدون التأثير إلا لله وحده لا شريك له. ومما تمسك به هؤلاء المنكرون للتوسل قوله تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) فإن الله نهى المؤمنين في هذه الآية أن يخاطبوا النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ما يخاطب بعضهم بعضا: كأن ينادوه باسمه، وقياسا على ذلك لا ينبغي أن يطلب من غير الله تعالى كالأنبياء والصالحين الأشياء التي جرت العادة بأنها لا تطلب إلا من الله تعالى لئلا تحصل المساواة بين الله تعالى وخلقه بحسب الظاهر وإن كان الطلب من الله تعالى على سبيل التأثير والإيجاد ومن غيره على سبيل التسبب والكسب لكنه ربما يوهم تأثير غير الله تعالى فمنع من ذلك الطلب لدفع هذا الايهام. والجواب أن هذا لا يقتضي المنع من التوسل مطلقا ولا يقتضي منع الطلب إذا صدر من موحد فإنه يحمل على المجاز العقلي بقرينة صدوره من موحد، فما وجه كونه حراما أو شركا؟ فلو قالوا إنه خلاف الأدب وأجازوا التوسل وشرطوا فيه أن يكون بالأدب والاحتراز عن الألفاظ الموهمة لكان له وجه، فالمنع مطلقا لا وجه له.
ص 161
ومن الأدلة الدالة على صحة التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
ما ذكره العلامة السيد السمهودي في خلاصة الوفا حيث قال: روى الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا، فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت انظروا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق. قال العلامة المراغي: وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة يفتحون كوة في أسفل الحجرة وإن كان السقف حائلا بين القبر الشريف والسماء. قال السيد السمهودي. وسنتهم اليوم فتح الباب المواجه للوجه الشريف والإجماع هناك وليس القصد إلا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى ربه لرفعة قدره عند الله تعالى. وقال أيضا العلامة السيد السمهودي في خلاصة الوفا: إن التوسل والتشفع به صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته من سنن المرسلين وسيرة السلف الصالحين، وذكر كثير من علماء المذاهب الأربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسن للزائر أن يستقبل القبر الشريف ويتوسل إلى الله تعالى في غفران ذنوبه وقضاء حاجاته ويستشفع به صلى الله عليه وسلم. قالوا: ومن أحسن ما يقول ما جاء عن العتبى، وهو مروي أيضا عن سفيان بن عيينة وكل منهما من مشايخ الشافعي رضي الله عنه، ثم بعد أن ذكر قصة العتبى المشهورة قال: وليس محل الاستدلال الرؤيا فإنها لا تثبت بها أحكام لاحتمال حصول الاشتباه على الرائي، وإنما محل الاستدلال كون العلماء استحسنوا للزائر الإتيان بما قاله الأعرابي: قال العلامة ابن حجر في [الجوهر المنظم] وروى بعض الحفاظ عن أبي سعيد السمعاني أنه روى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنهم بعد دفنه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام جاءهم أعرابي فرمى بنفسه على القبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام، وحتى من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله ما وعينا عنك، وكان فيما أنزله عليك قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي إلى ربي، فنودي من القبر الشريف أن قد غفر لك وجاء ذلك عن علي أيضا من طريق أخرى، ويؤيد ذلك ما صح عنه صلى الله عليه (11 - شواهد الحق)
ص 162
وسلم من قوله حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم، ما رأيت من خير حمدت الله، وما رأيت من شر استغفرت لكم . ومما ذكره العلماء في آداب الزيارة أنه يستحب أن يجدد الزائر التوبة في ذلك الموقف الشريف ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها توبة نصوحا، ويستشفع به صلى الله عليه وسلم إلى ربه عز وجل في قبولها ويكثر الاستغفار والتضرع بعد تلاوة قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) ويقولون نحن وفدك يا رسول الله وزوارك جئناك لقضاء حقك والتبرك والاستشفاع بك مما أثقل ظهورنا وأظلم قلوبنا، فليس لنا يا رسول الله شفيع غيرك نؤمله ولا رجاء غير بابك نصله، فاستغفر لنا واشفع لنا عند ربك واسأله أن يمن علينا بسائر طلباتنا ويحشرنا في زمرة عباده الصالحين والعلماء العاملين. وفي الجوهر المنظم أيضا أن أعرابيا وقف على القبر الشريف، وقال: اللهم إن هذا حبيبك وأنا عبدك، والشيطان عدوك، فإن غفرت لي سر حبيبك وفاز عبدك وغضب عدوك، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك ورضي عدوك وهلك عبدك، وأنت يا رب أكرم من أن تغضب حبيبك وترضي عدوك وتهلك عبدك: اللهم إن العرب إذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره، وإن هذا سيد العالمين فاعتقني على قبره يا أرحم الراحمين، فقال له بعض الحاضرين يا أخا العرب: إن الله قد غفر لك بحسن هذا السؤال. وذكر علماء المناسك أيضا أن استقبال قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وقت الزيارة والدعاء أفضل من استقبال القبلة. قال العلامة المحقق الكمال بن الهمام إن استقبال القبر الشريف أفضل من استقبال القبلة وأما ما نقل عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أن استقبال القبلة أفضل فمردود بما رواه الإمام نفسه في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: من السنة استقبال القبر المكرم وجعل الظهر للقبلة، وسبقه إلى ذلك ابن جماعة، فنقل استحباب استقبال القبر الشريف عن الإمام أبي حنيفة أيضا، ورد قول الكرماني إنه يستقبل القبلة، وقال ليس بشيء. قال في الجوهر المنظم: ويستدل لاستقبال القبر أيضا بأنا متفقون على أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره يعلم بزائره، وهو صلى الله عليه وسلم لو كان حيا لم يسع الزائر إلا استقباله واستدبار القبلة، فكذا يكون الأمر حين زيارته في قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وإذا اتفقنا في المدرس من العلماء بالمسجد الحرام المستقبل للقبلة أن الطلبة يستقبلونه ويستدبرون
ص 163
الكعبة، فما بالك به صلى الله عليه وسلم، فهذا أولى بذلك قطعا. وقد تقدم قول الإمام مالك رحمه الله للمنصور: ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى؟ بل استقبله واستشفع به. قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب إن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلا له مستدبرا للقبلة ; ثم نقل عن مذهب الإمام أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى والجمهور مثل ذلك. وأما مذهب الإمام أحمد ففيه اختلاف بين علماء مذهبه، والراجع عند المحققين منهم أن يستقبل القبر الشريف كيفية المذاهب، وكذا القول في التوسل، فإن المرجح عند المحققين منهم جوازه، بل استحبابه لصحة الأحاديث الدالة على ذلك فيكون المرجح عند الحنابلة موافقا لما عليه أهل المذاهب الثلاثة. وأما ما ذكره الآلوسي في تفسيره من أن بعضهم نقل عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه منع التوسل فهو غير صحيح إذ لم ينقله عن الإمام أحمد من أهل مذهبه، بل كتبهم طافحة باستحباب التوسل ونقل المخالف غير معتبر، فإياك أن تغتر بذلك. وقد بسط الإمام السبكي نصوص المذاهب الأربعة في استحباب التوسل في كتابه: المسمى [شفاء السقام في زيارة خير الأنام] فراجعه إن شئت. وفي المواهب اللدنية للإمام القسطلاني: وقف أعرابي على قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم إنك أمرت بعتق العبيد وهذا حبيبك وأنا عبدك فاعتقني من النار على قبر حبيبك فهتف به هاتف: يا هذا تسأل العتق لك وحدك؟ هلا سألت العتق لجميع الخلق: يعني من المؤمنين ; اذهب فقد أعتقتك، ثم أنشد القسطلاني أحد البيتين المشهورين، وشارحه الزرقاني البيت الآخر، وهما: إن الملوك إذا شابت عبيدهم * في رقهم أعتقوهم عتق أحرار وأنت يا سيدي أولى بذا كرما * قد شبت في الرق فاعتقني من النار ثم قال في المواهب وعن الحسن البصري قال: وقف حاتم الأصم على قبره صلى الله عليه وسلم، فقال يا رب إنا زرنا قبر نبيك صلى الله عليه وسلم فلا تردنا خائبين، فنودي: يا هذا، ما أذنا لك في زيارة قبر حبيبنا إلا وقد قبلناك فأرجع أنت ومن معك من الزوار مغفورا لكم. وقال ابن أبي فديك: سمعت بعض من أدركت من العلماء والصلحاء يقول: بلغنا أن من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هذه الآية (إن الله وملائكته يصلون
ص 164
على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان، ولم تسقط له حاجة. قال الشيخ زين الدين المراغي وغيره: الأولى أن يقول: صلى الله عليك يا رسول الله بدل قوله: يا محمد للنهي عن ندائه باسمه حيا وميتا، صلى الله عليه وسلم، وابن أبي فديك من أتباع التابعين، وكان من الأئمة الثقات المشهورين، وهو من المروي عنهم في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن. قال الزرقاني في شرح المواهب: اسمه محمد بن إسمعيل بن مسلم الديلمي. مات سنة مائتين على الصحيح، وهذا الذي نقله في المواهب عن ابن أبي فديك رواه عنه البيهقي. وفي شرح المواهب للزرقاني أن الداعي إذا قال: اللهم إني أستشفع إليك بنبيك، يا نبي الرحمة اشفع لي عند ربك، استجيب له. فقد اتضح لك من هذه النصوص المروية عن سلف الأمة وخلفها أن التوسل به صلى الله عليه وسلم وطلب الشفاعة منه وزيارته ثابتة عنهم، وأنها من أعظم القربات، وأن التوسل به واقع قبل خلقه وبعد خلقه في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ويكون أيضا بعد البعث في عرصات القيامة، وأحاديث التوسل به يوم القيامة في الصحيحين وغيرهما فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها. فبطل بما ذكرناه من النصوص جميع ما ابتدعه محمد بن عبد الوهاب وما افتراه وليس به على المؤمنين. قال في المواهب: ويرحم الله ابن جابر حيث قال: به قد أجاب الله آدم إذ دعا * ونجى في بطن السفينة نوح وما ضرت النار الخليل لنوره * ومن أجله نال الفداء ذبيح ثم قال في المواهب: فالتوسل به صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء. قال: وفي كتاب [مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام] للشيخ أبي عبد الله بن النعمان طرف من ذلك، ثم ذكر في المواهب كثيرا من البركات التي حصلت له ببركة توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم. وروى البيهقي عن أنس رضي الله عنه أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي به، وأنشد أبياتا في آخرها: وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الخلق إلا إلى الرسل فلم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم هذا البيت، بل قال أنس لما أنشده الأعرابي الأبيات قام يجر رداءه حتى رقى المنبر ودعا لهم، فلم يزل يدعو حتى أمطرت
ص 165
السماء وهو على المنبر وفي صحيح البخاري أنه لما جاء الأعرابي وشكا للنبي صلى الله عليه وسلم القحط، فدعا الله فانجابت السحاب بالمطر قال صلى الله عليه وسلم لو كان أبو طالب حيا لقرت عيناه، من ينشدنا قوله؟ فقال على رضي الله عنه يا رسول الله كأنك أردت قوله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر إنشاد البيت ولا قوله يستسقى الغمام بوجهه ولو كان في ذلك إشراك لأنكره ولم يطلب إنشاده، وكان سبب إنشاء البيت من أبي طالب من جملة قصيدة مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم أن قريشا أصابهم قحط فاستسقى بهم أبو طالب وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فاغدودق عليهم السحاب بالمطر وكان ذلك قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فأنشأ أبو طالب تلك القصيدة، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى آمن بمحمد ومر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلو لا محمد ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن. قال في الجوهر المنظم: فإذا كان له صلى الله عليه وسلم هذا الفضل والخصوصية أفلا يتوسل به؟ وذكر القسطلاني في شرحه على البخاري عن كعب الأحبار أن بني إسرائيل كانوا إذا قحطوا استسقوا بأهل بيت نهيهم. فعلم بذلك أن التوسل مشروع حتى في الأمم السابقة وقال السيد السمهودي في خلاصة الوفا: إن العادة جرت أن من توسل عند شخص بمن له قدر عنده يكرمه لأجله ويقضي حاجته، وقد يتوجه بمن له جاه إلى من هو أعلى منه، وإذا جاز التوسل بالأعمال الصالحة كما في صحيح البخاري في حديث الثلاثة الذين أووا إلى غار فأطبق عليهم فتوسل كل واحد منهم إلى الله تعالى بأرجى عمل له فانفرجت الصخرة التي سدت الغار عليهم، فالتوسل به صلى الله عليه وسلم أحق وأولى لما فيه من النبوة والفضائل سواء كان ذلك في حياته أو بعد وفاته، فالمؤمن إذا توسل به إنما يريد نبوته التي جمعت الكمالات. وهؤلاء المانعون للتوسل يقولون: يجوز التوسل بالأعمال الصالحة مع كونها أعراضا، فالذوات الفاضلة أولى، فإن عمر رضي الله عنه توسل بالعباس رضي الله عنه، وأيضا لو سلمنا لهم ذلك فنقول لهم إذا جاز التوسل بالأعمال الصالحة فما المانع من جوازها بالنبي صلى الله عليه وسلم باعتبار ما قام به من النبوة والرسالة والكمالات التي فاقت كل كمال وعظمت على كل عمل صالح في الحال والمآل مع ما ثبت
ص 166
من الأحاديث الدالة على ذلك وعلى الإذن فيه، ومثله سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وكذا الأولياء وعباد الله الصالحون لما فيهم من الطهارة القدسية ومحبة رب البرية وحيازة أعلى مراتب الطاعة واليقين والمعرفة لله رب العالمين، وذلك كله سبب لكونهم من عباد الله المقربين فيقضي سبحانه وتعالى بالتوسل بهم حوائج المؤمنين. وينبغي أن يكون ذلك التوسل مع الأدب الكامل واجتناب الألفاظ الموهمة تأثير غير الله تعالى. ومن أدلة جواز التوسل قصة سواد بن قارب رضي الله عنه التي رواها الطبراني في الكبير، وفيها أن سواد بن قارب أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التي فيها: فأشهد أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل * وإن كان فيما فيه شيب الذوائب وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * بمغن فتيلا عن سواد بن قارب فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله أدنى المرسلين وسيلة ولا قوله وكن لي شفيعا، وكذا من أدلة التوسل مرثية صفية رضي الله عنها عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها رثته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بأبيات قالت فيها: ألا يا رسول الله أنت رجاؤنا * وكنت بنا برا ولم تك جافيا ففيها النداء مع قولها: أنت رجاؤنا، وسمع تلك المرثية الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينكر عليها أحد قولها: يا رسول الله أنت رجاؤنا. قال العلامة ابن حجر في كتابه المسمى [بالخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان] في الفصل الخامس والعشرين: إن الإمام الشافعي أيام هو ببغداد كان يتوسل بالإمام أبي حنيفة رضي الله عنه يجيئ إلى ضريحه يزوره فيسلم عليه ثم يتوسل إلى الله تعالى به في قضاء حاجاته. وقد ثبت توسل الإمام أحمد بالشافعي رضي الله عنهما حتى تعجب ابنه عبد الله ابن الإمام أحمد من ذلك، فقال له الإمام أحمد إن الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولما بلغ الإمام الشافعي أن أهل المغرب يتوسلون إلى الله تعالى بالإمام مالك لم ينكر عليهم، وقال الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: من كانت له إلى الله تعالى حاجة وأراد قضاءها فليتوسل إلى الله تعالى بالإمام الغزالي، وذكر العلامة ابن حجر
ص 167
في كتابه المسمى: [بالصواعق المحرقة لأهل الضلال والزندقة] أن الإمام الشافعي رضي الله عنه توسل بأهل البيت النبوي حيث قال: آل النبي ذريعتي * وهم إليه وسيلتي أرجو بهم أعطى غدا * بيد اليمين صحيفتي وذكر العلامة السيد طاهر بن محمد هاشم باعلوى في كتابه: المسمى [مجمع الأحباب] في ترجمة الإمام أبي عيسى الترمذي صاحب السنن، أنه رأى في المنام رب العزة فسأله عما يحفظ عليه الإيمان ويتوفاه عليه؟ قال فقال لي قل بعد صلاة ركعتي الفجر قبل صلاة فرض الصبح: إليه بحرمة الحسن وأخيه وجده وبنيه وأمه وأبيه نجني من الغم الذي أنا فيه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام أسألك أن تحيي قلبي بنور معرفتك يا الله يا الله يا الله يا أرحم الراحمين ; فكان الإمام الترمذي يقول ذلك دائما بعد صلاة الصبح ويأمر أصحابه به ويحثهم على المواظبة عليه، فلو كان التوسل ممنوعا لما فعله هذا الإمام ولا أمر بفعله والمواظبة عليه، وهو إمام حجة يقتدى به، بل هذا الأمر أعني التوسل لم ينكره قط أحد من السلف والخلف حتى جاء هؤلاء المنكرون. وفي الأذكار للنووي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقول العبد بعد ركعتي الفجر ثلاثا: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ومحمد صلى الله عليه وسلم أجرني من النار . قال في شرح الأذكار خص هؤلاء بالذكر للتوسل بهم في قبول الدعاء، وإلا فهو سبحانه وتعالى رب جميع المخلوقات فأفهم ذلك أنه من التوسل المشروع. وفي شرح حزب البحر للإمام زروق بعد ذكر كثير من الأخيار: اللهم إنا نتوسل إليك بهم فإنهم أحبوك وما أحبوك حتى أحببتهم فبحبك إياهم وصلوا إلى حبك ونحن لم نصل إلى حبهم فيك فتمم لنا ذلك مع العافية الكاملة الشاملة حتى نلقاك يا أرحم الراحمين. ولبعض العارفين دعاء مشتمل على قوله: اللهم رب الكعبة وبانيها وفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها نور بصري وبصيرتي وسرى وسريرتي، وقد جرب هذا الدعاء لتنوير البصر، وأن من ذكره عند الاكتحال نور الله بصره، وذلك من الأسباب العادية، وهي لا تأثير لها، والمؤثر هو الله وحده لا شريك له، فكما أن الله تعالى جعل الطعام والشراب سببين للشبع والري لا تأثير لهما، والمؤثر هو الله وحده تعالى، وكما جعل الطاعة سببا للسعادة ونيل الدرجات جعل أيضا التوسل بالأخيار الذين عظمهم الله وأمر بتعظيمهم سببا لقضاء الحاجات فليس في ذلك كفر ولا إشراك، ومن تتبع أذكار السلف والحلف وأدعيتهم وأورادهم وجدها كلها
ص 168
مشتملة على التوسل ولم ينكر ذلك أحد عليهم حتى جاء هؤلاء المنكرون، ولو تتبعنا ما وقع من أكابر الأمة من التوسل لامتلأت بذلك الصحف وفيما ذكر كفاية. وإنما أطلت في ذلك ليتضح الأمر للمتشكك فيه غاية الاتضاح، لأن كثيرا من أتباع محمد بن عبد الوهاب يلقون إلى كثير من الناس شبهات يستميلونهم بها إلى اعتقادهم الباطل فعسى أن يقف على هذه النصوص من أراد الله حفظه من قبول شبهاتهم فلا يلتفت إليها ويقيم عليهم الحجة في إبطالها. قال في الجوهر المنظم: ولا فرق في التوسل بين أن يكون بلفظ التوسل أو التشفع أو الاستغاثة أو التوجه، لأن التوجه من الجاه، وهو علو المنزلة، وقد يتوسل بذي الجاه إلى من هو أعلى منه جاها، والاستغاثة طلب الغوث والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره وإن كان أعلى منه فالتوجه والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبغيره ليس لهما معنى في قلوب المسلمين غير ذلك ولا يقصد بهما أحد منهم سواه، فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبك على نفسه. نسأل الله العافية والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو واسطة بينه وبين المستغيث، فهو سبحانه وتعالى مستغاث به حقيقة، والغوث منه خلقا وإيجادا، والنبي صلى الله عليه وسلم مستغاث به مجازا والغوث منه تسببا وكسبا، فهو على حد قوله تعالى (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) أي وما رميت خلقا وإيجادا إذ رميت تسببا وكسبا ولكن الله رمى خلقا وإيجادا، وكذا قوله تعالى (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم) وقوله صلى الله عليه وسلم ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم وكثيرا ما تجيئ السنة لبيان الحقيقة ويجيئ القرآن الكريم بإضافة الفعل إلى مكتسبه، ويسند إليه مجازا كقوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحد الجنة بعمله مع قوله تعالى (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) فالآية بيان للسبب العادي الذي لا تأثير له، والحديث بيان للسبب الحقيقي وهو فضل الله تعالى. وبالجملة فإطلاق لفظ الاستغاثة لمن يحصل منه غوث باعتبار الكسب أمر معلوم لا شك فيه لغة ولا شرعا، فإذا قلت أغثني يا الله تريد الإسناد الحقيقي باعتبار الخلق والإيجاد، وإذا قلت أغثني يا رسول الله تريد الإسناد المجازي باعتبار الكسب والتوسط والتسبب بالشفاعة، ولو تتبعت كلام العلماء والأئمة لوجدت شيئا كثيرا من ذلك، ومنه ما مر في صحيح البخاري في مبحث الحشر ووقوف الناس للحساب يوم القيامة بينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فتأمل تعبيره صلى الله عليه وسلم
ص 169
بقوله: استغاثوا بآدم فإن الإسناد مجازي إذ المستغاث به حقيقة هو الله تعالى، وصح عنه صلى الله عليه وسلم لمن أراد عونا أن يقول يا عباد الله أعينوني وفي رواية أغيثوني وجاء في قصة قارون لما خسف به أنه استغاث بموسى عليه السلام فلم يغثه وصار يقول يا أرض خذيه فعاتبه الله حيث لم يغثه وقال له استغاث بك فلم تغثه ولو استغاث بي لأغثته فإسناد الإغاثة إلى الله تعالى إسناد حقيقي، وإلى موسى عليه السلام مجازي. وقد يكون معنى التوسل به صلى الله عليه وسلم طلب الدعاء منه إذ هو حي صلى الله عليه وسلم يعلم سؤال من يسأله، وقد تقدم حديث بلال بن الحارث رضي الله عنه المذكور فيه أنه جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله استسق لأمتك، أي ادع الله لهم، فعلم أنه صلى الله عليه وسلم يطلب منه الدعاء بحصول الحاجات كما كان يطلب منه في حياته لعلمه بسؤال من يسأله مع قدرته على التسبب في حصول ما سئل فيه بسؤاله ودعائه وشفاعته إلى ربه عز وجل، وأنه صلى الله عليه وسلم يتوسل به في كل خير قبل بروزه لهذا العالم وبعده في حياته وبعد وفاته، وكذا في عرصات القيامة فيشفع إلى ربه، وكل هذا مما تواترت به الأخبار وقام به الإجماع قبل ظهور المانعين منه، فهو صلى الله عليه وسلم له الجاه الوسيع والقدر المنيع عند سيده ومولاه المنعم عليه بما حباه وأولاه. وأما تخيل بعض المحرومين أن منع التوسل والزيارة من المحافظة على التوحيد، وأن فعل ذلك مما يؤدي إلى الشرك فهو تخيل فاسد باطل، فالتوسل والزيارة إذا فعل كل منهما مع المحافظة على آداب الشريعة الغراء لا يؤدي إلى محذور ألبتة، والقال بمنع ذلك سدا للذريعة متقول على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وكأن هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فحيثما صدر من أحد تعظيم له صلى الله عليه وسلم حكموا على فاعله بالكفر والاشراك، وليس الأمر كما يقولون، فإن الله تعالى عظم النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم بأعلى أنواع التعظيم، فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه، نعم يجب علينا أن لا نصفه بشيء من صفات الربوبية، ورحم الله الشيخ الابوصيرى حيث قال: دع ما ادعته النصارى في نبيهم * واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم فليس في تعظيمه صلى الله عليه وسلم بغير صفات الربوبية شيء من الكفر والاشراك، بل ذلك من أعظم الطاعات والقربات، وهكذا كل من عظمهم الله تعالى كالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وكالملائكة والصديقين والشهداء والصالحين. قال
ص 170
الله تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وقال تعالى (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) ومن ذلك الكعبة المعظمة والحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام فإنها أحجار وأمرنا الله تعالى بتعظيمها بالطواف بالبيت ومس الركن اليماني، وتقبيل الحجر الأسود، وبالصلاة خلف المقام، وبالوقوف للدعاء عند المستجار وباب الكعبة والملتزم، ونحن في ذلك كله لم نعبد إلا الله تعالى ولم نعتقد تأثيرا لغيره ولا نفعا ولا ضرا، فلا يثبت شيء من ذلك لأحد سوى الله تعالى. والحاصل أن هنا أمرين: أحدهما وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ورفع رتبته عن سائر الخلق، والثاني إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه، فمن اعتقد في مخلوق مشاركة الباري سبحانه وتعالى في شيء من ذلك فقد أشرك كالمشركين الذين كانوا يعتقدون الألوهية للأصنام واستحقاقها العبادة، ومن قصر بالرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء من مرتبته فقد عصى أو كفر. وأما من بالغ في تعظيمه بأنواع التعظيم ولم يصفه بشيء من صفات الباري عز وجل فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعا، وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء لغير الله تعالى يجب حمله على المجاز العقلي ولا سبيل إلى تكفيرهم إذ المجاز العقلي مستعمل في الكتاب والسنة، فمن ذلك قوله تعالى (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) فإسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي لأنها سبب في الزيادة، والذي يزيد حقيقة هو الله تعالى وحده، وقوله تعالى (يوما يجعل الولدان شيبا) فإسناد الجعل إلى اليوم مجاز عقلي، لأن اليوم محل لجعلهم شيبا، فالجعل المذكور واقع في اليوم، والجاعل حقيقة هو الله تعالى وقوله تعالى (ولا يغوث ويعوق ونسرا، وقد أضلوا كثيرا) فإسناد الاضلال إلى الأصنام مجاز عقلي لأنها سبب في حصول الاضلال، والهادي والمضل هو الله تعالى وحده، وقوله تعالى حكاية عن فرعون (يا هامان ابن لي صرحا) فإسناد البناء إلى هامان مجاز عقلي لأنه سبب فهو آمر يأمر ولا يبني بنفسه، والباني إنما هو الفعلة. وأما الأحاديث ففيها شيء كثير يعرفه من وقف عليها وكان ممن يعرف الفرق بين الإسناد الحقيقي والمجازي فلا حاجة إلى الإطاعة بنقلها. وقال العلماء: إن صدور ذلك الإسناد من موحد كاف في جعله إسنادا مجازيا لأن الاعتقاد الصحيح هو اعتقاد أن الخالق للعباد وأفعالهم هو الله وحده ف















 الموضوع الأصلي : الإستغاثة بسيد الخلق // المصدر : mytiger // الكاتب:اشرف فتح الباب



الإستغاثة بسيد الخلق

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

» الإستغاثة بسيد الخلق
» الإستغاثة بسيد الخلق
» الاستغاثة بسيد الخلق
» في حسن الخلق
» في سبب إقبال الخلق على علم الخلاف وتفصيل آفات المناظرة والجدل وشروط إباحتها

الكلمات الدليلية (Tags)
لا يوجد

الــرد الســـريـع
..
الرد السريع
هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة

خــدمات المـوضـوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
الإستغاثة بسيد الخلق , الإستغاثة بسيد الخلق , الإستغاثة بسيد الخلق ,الإستغاثة بسيد الخلق ,الإستغاثة بسيد الخلق , الإستغاثة بسيد الخلق
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ الإستغاثة بسيد الخلق ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
>




مواضيع ذات صلة